للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن حكى عز اسمه عن الجن والإنس أن بعضهم يتولى بعضا- أردف ذلك ببيان أن ذلك يحدث بتقديره تعالى وقضائه.

[الإيضاح]

(وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) تولية الله الناس بعضهم بعضا جعل بعضهم أنصارا وأولياء لبعض، إما بمقتضى أمره فى شرعه ومقتضى سنّته وتقديره كما فى ولاية المؤمنين بعضهم بعضا فى الحق والخير والمعروف، فقد أمرهم بذلك فى شرعه ونهاهم عن ضده، وهو أيضا مقتضى الإيمان الصادق وأثره الذي لا ينفك عنه بحسب تقديره الذي مضت به سنته فى خلقه، وإما بمقتضى سنته وتقديره فحسب وهو ولاية الكفار المجرمين والمنافقين بعضهم بعضا، إذ هذا أثر مترتب على الاتفاق فى الاعتقاد.

والأخلاق واشتراك المنفعة بحسب تقديره تعالى وسنته فى نظم الحياة البشرية، وهو لم يأمرهم بشىء مما يتناصرون به فى الباطل والشر والمنكر، بل نهاهم عن ذلك، ولكن شأن الأفراد والجماعات أن يميل كل منهم إلى من كان على شاكلته ويتولاه بالتعاون والتناصر فيما هم فيه مشتركون ويناوئون من يخالفهم فى ذلك.

أي ومثل ذلك الذي ذكر من استمتاع أولياء الإنس والجن بعضهم ببعض فى الدنيا، لما بينهم من التناسب والمشاكلة نولى بعض الظالمين بعضا لأنفسهم وللناس، بسبب ما كانوا يكسبون باختيارهم من أعمال الظلم المشتركة بينهم.

روى عن قتادة أنه قال فى تفسير الآية: إنما يولى الله بين الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولىّ المؤمن من أين كان وحيث كان والكافر ولىّ الكافر من أين كان وحيثما كان وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولعمرى لو عملت بطاعة الله ولم تعرف أهل طاعة الله ما ضرّك ذلك، ولو عملت بمعصية الله وتولّيت أهل طاعة الله ما نفعك ذلك شيئا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>