(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي ومن آيات قدرته الدالة على رحمته بعباده أن جعل أولادهم يركبون السفن الموقرة بسائر السلع التي ينقلونها من بلد إلى آخر ليستفيدوا مما تحمله من الأقوات وسائر حاجهم المعيشية، ولولا ذلك لما بقي للآدمى نسل ولا عقب من بعده.
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) أي وخلقنا من مثل تلك السفن البحرية سفنا برية، وهى الإبل التي تسير في الصحارى كما قال شاعرهم:
سفائن برّ والسراب بحارها
ونحوها قطر السكك الحديدية والسفن الهوائية من مطاود وطائرات تسير في الجوّ حاملة للناس السلع المختلفة والذخائر الحربية، ومن جرّاء هذا لم يعين الكتاب الكريم ما يركبون لما سيظهر في عالم الوجود مما هو مخبّأ في صحيفة الغيب، وهذا من إعجاز الكتاب الكريم.
ونحو الآية:«وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ» .
ثم ذكر لطفه بعباده حين ركوبهم تلك السفن فقال:
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) أي وإن نشأ إغراقهم في الماء مع ما حملته السفن والزوارق فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق وينجيهم من الموت، ولكن رحمة منّا بهم وتمتيعا لهم إلى حين بلذات الحياة الدنيا أبقيناهم وحفظناهم من الغرق، وإلى هذا أشار بقوله: