للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر وعبر به للإيذان بأنه جناية عظيمة وأمر هائل، والبينات: المعجزات، وتولوا:

أعرضوا، واستغنى الله: أي أظهر غناه عنهم إذ أهلكهم وقطع دابرهم.

[المعنى الجملي]

بعد أن بسط سبحانه الأدلة على عظيم قدرته وواسع علمه، وأنه خلق السموات والأرض، وأنه صورهم فأحسن صورهم، وأنه يعلم السر والنجوى- حذّر المشركين من كفار مكة على تماديهم فى الكفر، والجحود بآياته، وإنكار رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيّن لهم عاقبة ما يحل بهم من العذاب فى الدنيا والآخرة وضرب لهم الأمثال بالأمم المكذبة من قبلهم، فقد كذبوا رسلهم، وتمادوا فى عنادهم، وقالوا:

أيرسل الله من البشر رسلا؟ فحلّت بهم نقمة ربهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر فاصبحت ديارهم خرابا يبابا، كأن لم يغنوا بالأمس، فهلا يكون ذلك عبرة لهم، فيثوبوا إلى رشدهم، ويرجعوا إلى ربهم لو كانوا من أرباب النّهى.

[الإيضاح]

(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي ألم يبلغكم أيها المشركون من أهل مكة نبأ الذين كفروا بالرسل من قبلكم كقوم نوح وهود وصالح وغيرهم من الأمم التي أصرّت على الكفر والعناد، كيف حل بهم عقاب ربهم، وعظيم نقمته وأرسل عليهم ألوانا من العذاب لا قبل لهم بها فمن صاعقة من السماء تجتاحهم، إلى رجفة فى الأرض تهلكهم، إلى صيحة تصم الآذان تبيدهم وتجعلهم كأمس الدابر، وتمحوهم من صفحة الوجود، إلى طوفان يعم الأرض ويبتلعهم فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وسيكون لهم عظيم النكال والوبال يوم تجزى كل نفس بما كسبت، إن الله سريع الحساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>