ثم قرر فخامة الأشياء التي أقسم بها قبل، وكونها أهلا لأن تعظم فقال:
(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) الحجر (بكسر الحاء وسكون الجيم) العقل، ويقولون: فلان ذو حجر: إذا كان قاهرا لنفسه، ضابطا لها، مضيّقا عليها.
والمراد أن من كان ذا لبّ وعقل يفطن إلى أن فى القسم بهذه المخلوقات المشتملة على باهر الحكمة، وعجيب الصنعة، الدالة على وحدانية صانعها- مقنعا أيّما مقنع، وكفاية أعظم كفاية.
وجاء الكلام بصورة الاستفهام لتأكيد المقسم عليه وتقريره، كما تقول لمن يحاجّك فى أمر ثم تقيم له الحجة الناصعة التي تثبت ما تدّعى: هل فيما ذكرت لك كفاية، ومرادك أنى قد ذكرت لك أقوى الحجج وأبينها، فلست تستطيع جحد ما قلت بعد هذا.
وجواب القسم محذوف يدل عليه قوله بعد:«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ» الآية، ويقدر بنحو قوله إن ناصية المكذبين بيدي، ولئن أمهلتهم فلن أهملهم، ولآخذنهم أخذ الأمم قبلهم، وقد ترك لتسترسل نفس القارئ فى تأمل ما مضى وما يتبع ليجد الجواب بينهما، فيتمكن المعنى لديه فضل تمكن.
عاد: جيل من العرب البائدة يقولون إنه من ولد عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، ويلقب أيضا بإرم، وذات العماد: أي سكان الخيام، وكانت منازلهم بالرمال والأحقاف إلى حضر موت.