والخلاصة- إنه لا عهد لمن كان له عهد وغدر فيه، وكذا من لا عهد له منهم لأنهم لشدة عداوتهم للمؤمنين لم يقيّدوا أنفسهم معهم بعهد سلم مطلق ولا مؤقت.
ثم بين ما تنطوى عليه جوانحهم من الضغينة للمؤمنين فقال:
(يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) أي هم يخادعونكم حال الضعف بما يفوهون به من كلام معسول يرون أنه يرضيكم سواء أكان عهدا أم وعدا أم أيمانا مؤكدة، وقلوبهم مملوءة ضغنا وحقدا «يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» فهم إن ظهروا عليكم نكثوا العهود وحنثوا بالإيمان وفتكوا بكم بقدر ما يستطيعون.
وإنما يفعلون ذلك لأن أكثرهم خارجون من قيود العهود والمواثيق متجاوزون لحدود الصدق والوفاء، فليس لهم مروءة رادعة، ولا عقيدة وازعة، ولا يتعفّفون عن الغدر وعما يجر إلى سوء الأحدوثة وثلم العرض.
وإنما وصف الأكثر، لأنهم هم الناكثون الناقضون لعهودهم، وأقلهم الموفون الذين استثناهم الله تعالى وأمر المؤمنين بالاستقامة لهم ما استقاموا لهم.
بعد أن ذكر غلبة الفسق والخروج من الفضائل الفطرية والتقليدية على أكثرهم حتى مراعاة القرابة والوفاء ونحوهما مما يمدح عندهم- أردف ذلك بذكر السبب فى هاتين الآيتين.