سربا- وصار الماء كالطاق عليه وهو يجرى، فلما استيقظ موسى نسى صاحبه أن يخبره بالحوت، وانطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما كان الغد طلب موسى الغداء ووجد النّصب، ولم ذلك إلا بعد أن جاوزا المكان الذي أمره الله به، فقال فتاه: إنى نسيت الحوت وذكر ما كان من أمره عند الصخرة، فارتدا على آثارهما قصصا، حتى انتهيا إلى الصخرة فوجدا رجلا مسجّى بثوب أبيض، وكان من أمر هما ما سترى من مسألة السفينة والغلام والجدار.
[الإيضاح]
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) أي واذكر أيها الرسول حين قال موسى بن عمران لفتاه يوشع: لا أزال أمشى حتى أبلغ مكان اجتماع البحرين أو أسير دهرا.
وسبب قوله هذا: أن الله أوحى إليه أن عبدا من عبادى بمجمع البحرين عنده من العلم مالم تحط به، فأحبّ أن يرحل إليه.
وخلاصة ذلك- إن الله أعلم موسى حال هذا العالم وما أعامه موضعه بعينه، فقال لا أزل أمشى حتى يجتمع البحران فيصيرا بحرا واحدا أو أمضى دهرا طويلا حتى أجده.
ومجمل الأمر أنه وطن نفسه على تحمل التعب الشديد والعناء العظيم فى السفر مهما طال به الزمان.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) أي فانطلقا يمشيان، فلما بلغا مجمع بينهما وهو المكان الذي وعده الله بلقائه عنده- نسيا حوتهما فاتخذ الحوت طريقه فى البحر مسلكا وصار الماء كالقنطرة عليه، فكان ذلك للحوت سربا، ولموسى وفتاه عجبا.
ولا شك أن حياة الحوت بعد موته كانت لموسى معجزة، وأما كون ماء البحر