عبده ورسوله، والله لم يطلع عليه أحد إلا الله، ولقد دفعته إليها فى سواد الليل، ولقد كنت مرتابا فى أمرك، فأما إذ أخبرتنى بذلك فلا ريب.
قال العباس: فأبدلنى الله خيرا من ذلك، لى الآن عشرون عبدا، وإنّ أدناهم ليضرب فى عشرين ألفا، وأعطانى زمزم وما أحب أن لى بها جميع أموال مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربى.
[الإيضاح]
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى، إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) أي قل للذين فى أيديكم من الأسرى الذين أخذتم منهم الفداء:
إن كان الله تعالى يعلم أن فى قلوبكم الآن إيمانا أو سيظهر فى حينه- كما يدّعى بعضكم- يعطكم إذ تسلمون ما هو خير لكم مما أخذه المؤمنون منكم من الفداء بما تشاركونهم فى المغانم وغيرها من النعم التي وعد المؤمنون بها.
روى أبو الشيخ عن ابن عباس: أن العباس وأصحابه قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم:
آمنا بما جئت به ونشهد أنك رسول الله فنزل (إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) الآية.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي ويغفر لكم ما كان من الشرك وما استتبعه من السيئات والأوزار، والله غفور لمن تاب من كفره وذنوبه، رحيم بالمؤمنين فيشملهم بعنايته وتوفيقه ويعدّهم للسعادة فى الدنيا والآخرة.
وفى ذلك من الحضّ على الإسلام والدعوة إليه ما لا يخفى.
(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ) أي وإن يريدوا خيانتك بإظهار الميل إلى الإسلام والرغبة عن قتال المسلمين، فلا تخف مما عسى أن يكون من خيانتهم وعودتهم إلى القتال، فإنهم قد خانوا الله من قبل، فنقضوا الميثاق الذي أخذه على البشر بما أقامه على وحدانيته من الدلائل العقلية والكونية، وبما آتاهم من العقل الذي يتدبرون به سنن الله فى خلقه.