وفى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل لما سأله عن الإحسان «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .
وقال عمر:«جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زوّدنى حكمة أعيش بها، فقال: استح الله كما تستحى رجلا من صالحى عشيرتك لا يفارقك» .
وكان الإمام أحمد كثيرا ما ينشد هذين البيتين:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل علىّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة ... ولا أنّ ما تخفى عليه يغيب
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي هو المالك لما فيهما، والمدبر لأمورهما، والنافذ حكمه فيهما، وإليه مصير جميع خلقه، فيقضى بينهم بحكمه كما قال «وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى» وقال: «وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يقلب الليل والنهار ويقدّرهما بحكمته كما يشاء، فتارة يطوّل الليل ويقصر النهار والعكس بالعكس، وتارة يتركهما معتدلين، وحينا يجعل الفصل شتاء أو ربيعا أو قيظا أو خريفا، وكل ذلك بتدبيره وفائدة خلقه.
(وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي وهو عليم بالسرائر وإن دقت وخفيت، فهو يعلم نوايا خلقه كما يعلم ظواهر أعمالهم من خير أو شر.
وفى ذلك حث لنا على النظر والتأمل ثم الشكر على ما أولى وأنعم.