(وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً) أي وكان الله قديرا على ذلك الإفناء وإيجاد خلق آخر، إذ بيده ملكوت كل شىء، لكنه لحكم يعلمها لم تتعلق إرادته بذلك.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي من يرد منكم بسعيه وجهاده فى حياته نعيم الدنيا بالمال والجاه ونحوهما، فعند الله ثواب الدارين معا بما أعطاكم من العقل والشعور وهداية الحواس، فعليكم أن تطلبوهما معا، ولا تكتفوا بما هو أدناهما وهو ما يفنى وتتركوا أغلاهما وهو ما يبقى، مع أن الجمع بينهما هيّن ميسور لكم وهو تحت قدرتكم وسلطانكم، فمن خطل الرأى أن تتركوا ذلك وترغبوا عنه، بل عليكم أن تقولوا- ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار-.
وفى الآية إيماء إلى أن الدين يهدى أهله إلى السعادتين، وإلى أن ثواب الدنيا والآخرة من فضله تعالى ورحمته.
(وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً) أي وكان الله سميعا لأقوال عباده حين مخاطباتهم ومناجاتهم، بصيرا بجميع أمورهم فى سائر حالاتهم، فعليهم أن يراقبوه فى الأقوال والأفعال، وبذا تزكو نفوسهم وتقف عند حدود الفضيلة التي بها تستقيم أمورهم فى دنياهم ويستعدون لحياة أبدية فى آخرتهم يكون فيها نعيمهم وثوابهم.