وإخوته إلى الأرض وخروا له سجدا، تأويل رؤياى: أي مآلها وعاقبتها، وأصل النزغ: نخس الرائض الفرس بالمهماز لإزعاجه للجرى، ثم قيل نزغه الشيطان كأنه نخسه ليحثّه على المعاصي، ونزغ بين الناس: أفسد بينهم بالحث على الشر.
[المعنى الجملي]
بعد أن أخبر فيما سلف أن يوسف قال لإخوته ائتوني بأهلكم أجمعين- أخبر هنا أنهم رحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر، فلما أخبر يوسف بقرب مجيئهم خرج للقائهم، وأمر الملك أمراءه وأكابر دولته بالخروج معه للقاء نبى الله يعقوب عليه السلام.
[الإيضاح]
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) فى العبارة حذف وإيجاز يفهم من سياق الكلام والمعنى- تفصيله بعد أن ذهب إخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بمكانة يوسف فى مصر وأنه الحاكم المفوّض المستقل فى أمرها- أبلغوه أنه يدعوهم كلّهم للإقامة معه فيها والتمتع بحضارتها فرحلوا حتى بلغوها- ولما دخلوا على يوسف وكان قد استقبلهم فى الطريق فى جمع حافل احتفاء بهم ضم إليه أبويه واعتنقهما.
وظاهر الآية يدل على أن أمه كانت لا تزال حية ورجحه ابن جرير، وقال جمع من المفسرين إن المراد بأبويه أبوه وخالته، لأن أمه قد ماتت قبل ذلك فتزوج أبوه خالته.
(وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) أي وقال لهم ادخلوا بلاد مصر إن شاء الله آمنين على أنفسكم وأنعامكم من الجوع والهلاك، فإن سنى القحط كانت لا تزال باقية، وذكر المشيئة فى كلامه للتبرؤ من مشيئته وحوله وقوته إلى مشيئة الله الذي سخر ذلك لهم وسخر ملك مصر وأهلها له ثم لهم، وهذا من شأن المؤمنين ولا سيما الأنبياء والصديقون.