بعد أن أقام سبحانه الحجة على بنى إسرائيل، وأثبت لهم رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم بما أوحاه إليه بشأنهم وشأن كتبهم وأنبائهم من البشارات وأخبار الغيب وتحريف الكتب ونسيان حظ منها، وأيد ذلك بدحض شبهاتهم وإبطال غرورهم، وهم مع كل هذا لم يزدادوا إلا كفرا وعنادا- قص علينا فى هذه الآيات خبرا من أخبارهم مع موسى عليه السلام، وهو المنقذ لهم من الرقّ والعبودية واضطهاد المصريين لهم إلى الحرية والاستقلال، لكنهم مع هذا كله كانوا يخالفونه ويعصون أوامره- ليعلم الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن مكابرتهم للحق خلق من أخلاقهم، توارثوها من أسلافهم، وتأصلت فى طباعهم، فلا بدع إذا هم أعرضوا عن دعوتك، وصدوا عن هديك- وفى هذا من تسلية النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى، إلى ما فيه من زيادة معرفة طبائع الأمم، وسنن الاجتماع البشرى.
[الإيضاح]
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ، وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) أي واذكر أيها الرسول الكريم لبنى إسرائيل وسائر من تبلغهم دعوتك حين قول موسى لقومه بعد أن أنقذهم من ظلم فرعون وقومه وأخرجهم من ذلك البلد الظالم أهله: يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم واشكروه على ذلك بالطاعة له، لأن ذلك يوجب مزيدها كما قال تعالى: «لَئِنْ