للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الرسل الأولون من قبله من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وناقة صالح وما أشبه ذلك من المعجزات التي لا يقدر عليها إلا الله ولا يأتى بها إلا الأنبياء والرسل.

وفى التعبير بقولهم (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) بيان كونها آيات مسلمات تثبت الرسالة بمثلها، ويترتب عليها المقصود، وليس لأحد أن ينازع فيها.

ثم كذبهم سبحانه فيما تضمنته خاتمة مقالهم من الوعد بالإيمان حين إتيان الآية المقترحة، وبين أن فى ترك إجابتهم عما طلبوا- إبقاء عليهم فإنهم لو أوتوها ولم يؤمنوا بها لاستؤصلوا بالعذاب كما هى سنة الله فى الأمم السالفة إذا كذبت رسلها بعد إتيانهم بما اقترحوا، ولكن قد سبقت كلمة الله أن مشركى هذه الأمة لا يعذّبون بعذاب الاستئصال فقال:

(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ؟) أي إن هؤلاء أشد عتوّا من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات ووعدوا أنهم يؤمنون حين مجيئها، فلما جاءتهم نكثوا العهد وخالفوا، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلو أعطوا ما اقترحوا لكانوا أشد نكثا، فينزل بهم عذاب الاستئصال، وقد سبقت كلمة ربك أنه سيؤخر عذابهم إلى اليوم المعلوم.

قال قتادة: قال أهل مكة للنبى صلّى الله عليه وسلّم إذا كان ما تقوله حقا ويسرّك أن نؤمن، فحوّل لنا الصفا ذهبا، فأتاه جبريل فقال: إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان، ثم لم يؤمنوا لم ينظروا، وإن شئت استأنيت بقومك، قال بل أستأنى بقومي فأنزل الله «ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ» الآية.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧ الى ١٠]

وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>