التجارة هنا: ما يقدمه المرء من عمل صالح، لينال به الثواب كما قال سبحانه:
«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» طيبة: أي طاهرة مستلذة، جنات عدن: أي بساتين إقامة وخلود، قريب: أي عاجل وهو فتح مكة، وحوارىّ الرجل: صفيه وخليله، وأنصار الله: أي الناصرون لدينه، فأيدنا:
أي قوّينا وساعدنا، على عدوهم: أي الكفار، ظاهرين: أي غالبين.
[المعنى الجملي]
بعد أن حث فى الآية السابقة على الجهاد فى سبيله، ونهاهم أن يكونوا مثل قوم موسى فى التواكل والتخاذل، إذ قالوا له: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ونهاهم أيضا عن أن يكونوا مثل قوم عيسى فى العصيان بعد أن أتى لهم بالأدلة الباهرة على صدق نبوته- ذكر هنا أن الإيمان بالله والجهاد بالمال والنفس فى سبيله تجارة رابحة، فإن المجاهد ينال الفوز العاجل، والثواب الآجل، فيظفر بالنصرة فى الدنيا والغلبة على العدو وأخذ الغنائم وكرائم الأموال، ويحظى فى الآخرة بغفران الذنب، ورضوان الرب، والكرامة فى جنات الخلود والإقامة، ولا فوز أعظم من هذا.
ثم ضرب لهم مثلا بقوم عيسى، فقد انقسموا فرقتين: فرقة آمنت به وهم حواريه، وفرقة كفرت به وهم البقية الباقية منهم، فأمد الله المؤمنين بروح من عنده، فتم لهم الفوز والنصر على الكافرين، وغلبوهم بإذن الله كما هى سنة الله فى البشر كما قال: