وأصله في هلاك الحي فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء أي فعل أمر ابتداء، ولا إعادة أي فعله ثانيا، وأنشدوا لعبيد بن الأبرص:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدى ولا يعيد
روى البخاري ومسلم «أنه لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ووجد الأصنام منصوبة حول الكعبة جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ويقرأ: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً- قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ» .
ولما سد عليهم مسالك القول، لم يبق إلا أن يقولوا عنادا: إنه قد عرض له ما أضله عن محجة الصواب، فأمر رسوله أن يقول لهم:
(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) أي قل أيها الرسول لقومك: إن ضللت عن الهدى وسلكت غير طريق الحق فإنما ضرّ ذلك على نفسى، وإن استقمت على الحق فبوحى الله إلىّ وتوفيقه للاستقامة على محجة الحق وطريق الهدى، إنه سميع لما أقول وتقولون، ويجازى كلا بما يستحق، قريب مجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
روى الشيخان عن أبى موسى الأشعري قال:«إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا مجيبا» .
والخلاصة- إن الخير كله من الله وفيما أنزله علىّ من الوحى والحق المبين.