وهو الرسول صلّى الله عليه وسلم، وصدّق به وهم أتباعه الذين نهجوا نهجه وساروا على طريقه- هم الذين اتقوا الله فوحدوه وبرئوا من الأوثان والأصنام وأدّوا فرائضه واجتنبوا نواهيه، رجاء ثوابه وخوف عقابه.
ثم ذكر ما وعدهم به من ثواب عظيم ونعيم مقيم فقال:
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) أي لهم من الكرامة عند ربهم ما تشتهيه أنفسهم وتقرّبه أعينهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وذلك جزاء من أحسن عملا، فأخلص لربه في السر والنجوى، وراقبه فى أقواله وأفعاله، وعلم أنه محاسب على النّقير والقطمير، والجليل والحقير.
ثم بين سبحانه ما هو الغاية لهم عند ربهم فقال:
(لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) وذلك أعظم ما يرجونه من دفع الضر عنهم والنفس إذا علمت زوال المكروه عنها كان لها في ذلك سرور ولذة تعدل السرور واللذة بجلب المنافع لها.
(وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أي ويثيبهم بمحاسن أعمالهم ولا يجزيهم بمساويها، وقدّم تكفير السيئات على إعطاء الثواب، لأن دفع المضار أهم من جلب المسارّ.
وفي ذكر تكفير الأسوإ إشارة إلى استعظامهم للمعصية مطلقا لشدة خوفهم من الله، وإلى أن الحسن الذي يعلمونه هو الأحسن عند الله لحسن إخلاصهم فيه.