بعد أن بين سبحانه فى هذه السورة كثيرا من الأمور الدينية من عبادته تعالى وعدم الشرك به، والمدنية كمعاملة ذوى القربى والجيران واليتامى والمساكين، والشخصية كأحكام الزواج والمصاهرة والمواريث، بيّن فى هذه الآيات بعض الأحكام الحربية والسياسية، ورسم لنا الطريق التي نسير عليها فى حفظ ملتنا وحكومتنا المبنية على تلك الأصول من الأعداء.
[الإيضاح]
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) أي احترسوا واستعدوا لاتقاء شر العدوّ، بأن تعرفوا حاله ومبلغ استعداده وقوته، وإذا كان لكم أعداء كثيرون فاعرفوا ما بينهم من وفاق وخلاف، واعرفوا الوسائل لمقاومتهم إذا هجموا، واعملوا بتلك الوسائل، ويدخل فى ذلك معرفة حال العدو ومعرفة أرضه وبلاده وأسلحته واستعمالها وما يتوقف على ذلك من معرفة الهندسة والكيمياء وجر الأثقال، وعلى الجملة اتخاذ أهبة الحرب المستعملة فيها من طيارات وقنابل ودبابات وبوارج مدرّعة ومدافع مضادة للطائرات إلى نحو ذلك حتى لا يهاجمكم على غرّة أو يهددكم فى دياركم، وحتى لا يعارضكم فى إقامة دينكم أو دعوتكم إليه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة على علم بأرض عدوهم، كما كان لهم عيون وجواسيس يأتونهم بالأخبار (قلم مخابرات) ولما أخبروه بنقض قريش للعهد (إخلالهم بشروط المعاهدة فى صلح الحديبية) استعد لفتح مكة ولم يفلح أبو سفيان فى تجديد العهد مرة أخرى، وقد كان يظن أن المسلمين لم يعلموا بنكثهم له.
وقد قال أبو بكر لخالد بن الوليد فى حرب اليمامة: حاربهم بمثل ما يحاربونك به، السيف بالسيف والرمح بالرمح.