للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق: هو ما تقرر من حقيقة ثابتة أرشد إليها دليل قاطع، أو عيان ومشاهدة، أو شريعة صحيحة جاء بها نبى معصوم، والصبر: قوة للنفس تدعوها إلى احتمال المشقة فى العمل الطيب، وتهوّن عليها احتمال المكروه فى سبيل الوصول إلى الأغراض الشريفة.

والتواصي بالحق: أن يوصى بعضهم بما لا سبيل إلى إنكاره وهو كل فضيلة وخير، والتواصي بالصبر: أن يوصى بعضهم بعضا به ويحثه عليه، ولا يكون ذلك نافعا مقبولا إلا إذا كمّل المرء نفسه به وإلا صدق عليه قول أبى الأسود الدؤلي:

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذى السّقام وذى الضنى ... كيما يصح به وأنت سقيم

[الإيضاح]

(وَالْعَصْرِ) أقسم ربنا سبحانه بالدهر لما فيه من أحداث وعبر يستدل به على قدرته وبالغ حكمته وواسع علمه، انظر إلى ما فيه من تعاقب الليل والنهار وهما آيتان من آيات الله كما قال: «وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» وإلى ما فيه: من سراء وضراء، وصحة وسقم، وغنى وفقر، وراحة وتعب، وحزن وفرح، إلى نحو ذلك مما يسترشد به حصيف الرأى إلى أن للكون خالقا ومدبرا، وهو الذي ينبغى أن يوجه إليه بالعبادة ويدعى لكشف الضر وجلب الخير- إلى أن الكفار كانوا يضيفون أحداث السوء إلى الدهر، فيقولون هذه نائبة من نوائب الدهر، وهذا زمان بلاء، فأرشدهم سبحانه إلى أن الدهر خلق من خلقه، وأنه ظرف تقع فيه الحوادث خيرها وشرّها، فإن وقعت للمرء مصيبة فبما كسبت يداه، وليس للدهر فيها من سبب.

(إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) أي إن هذا الجنس من المخلوقات- لخاسر فى أعماله ضربا من الخسران إلا من استثناهم الله، فأعمال الإنسان هى مصدر شقائه، لا الزمان

<<  <  ج: ص:  >  >>