وخلاصة ذلك- إلا تنصروه بالنّفر لما استنفركم له، فإن الله قد ضمن له النصر فهو ينصره كما نصره فى الوقت الذي اضطره المشركون إلى الهجرة، حين كان ثانى اثنين فى الغار وكان صاحبه قد ساوره الحزن فقال له: لا تحزن إن الله معنا، ونحن لا نكلّف أكثر مما فعلنا من الاستخفاء.
(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) أي فأنزل الله طمأنينته التي يسكن عندها القلب على رسوله وقوّاه بجنود من عنده وهم الملائكة الذين أنزلهم يوم بدر والأحزاب وأحد، وقيل بل هم ملائكة أيده بهم فى حال الهجرة يسترونه هو وصاحبه عن أعين الكفار ويصرفونها عنهما، فقد خرج والشبان المتواطئون على قتله وقوف ولم ينظروه.
(وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا) أي وجعل كلمة الشرك والكفر هى السفلى، وكلمة الله وهى دينه المبنى على أساس توحيده تعالى والمشتمل على الأحكام والآداب الفاضلة، والخالي من شوائب الشرك وخرافات الوثنية- هى العليا بظهور نور الإسلام وإزالة سيادة المشركين فى تلك الجزيرة بعد كفاح طويل دارت فيه الدائرة عليهم:«وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا» .
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي والله غالب على أمره، حكيم إذ يضع الأشياء فى مواضعها وقد نصر رسوله بعزته وأظهر دينه على الأديان كلها بحكمته، وأذل من ناوأه من المشركين.