للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن ذكر حديثهم عن أحبابهم في الدنيا حكى حديثهم عن أعدائهم فيها فقال:

(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ؟) أي قال المشركون بعضهم لبعض على سبيل التعجب والتحسر إذا افتقدوا المؤمنين ولم يجدوهم في النار: ما بالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم في الدنيا أشرارا لا خير فيهم؟.

قال ابن عباس: يريدون أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم، يقول أبو جهل: أين بلال: أين صهيب، أين عمار، أولئك في الفردوس. وا عجبا لأبى جهل! مسكين، أسلم ابنه عكرمة وابنته جويرية، وأسلمت أمه، وأسلم أخوه، وكفر هو. قال:

ونورا أضاء الأرض شرقا ومغربا ... وموضع رجلى منه أسود مظلم

ثم سألوا عن السبب في عدم رؤيتهم فقالوا:

(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ؟) أي ألأجل أنا قد اتخذناهم سخريا ولم يكونوا كذلك لم يدخلوا النار، أم هم معنا ولكن لم تقع عليهم أبصارنا؟.

وفي هذا إنكار على أنفسهم وتأنيب لها على استسخارهم منهم في الدنيا.

والخلاصة- إن الكفار حين دخلوا النار ونظروا في جوانبها لم يروا المؤمنين الذين كانوا يسخرون منهم في الدنيا فتناجوا وقالوا: ما بالنا لا نرى الذين كنا نتخذهم فى الدنيا سخريا؟ ألم يدخلوا النار معنا، أم دخلوها ولكن زاغت عنهم أبصارنا؟

ثم بين أن هذا التناجي سيكون يوم القيامة وأنه حق لا مرية فيه فقال:

(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) أي إن هذا الذي حدثناك عنه أيها الرسول من تخاصم أهل النار بعضهم لبعض، ولعن بعضهم بعضا- حق لا مرية فيه.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٦٥ الى ٧٠]

قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩)

إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>