بعد أن أنذر المشركين بالعذاب، وهدّدهم أعظم تهديد قالوا له تهكما واستهزاء:
إن كان هذا حقا فأتنا به، وهم يقطعون بعدم حصوله، فأجابهم بأنه لا يأتيكم بسؤالكم ولا يعجّل باستعجالكم، لأن الله أجّله لحكمة، ولولا ذلك الأجل المسمى، الذي قتضته حكمته، وارتضته رحمته، لعجّله لكم ولأوقعه بكم، وإنه ليأتينّكم فجأة وأنتم لا تشعرون به، ثم تعجب منهم فى طلبهم الاستعجال، وهو سيحيط بهم فى جميع نواحيهم، ويقال لهم على طريق الإهانة والتوبيخ: ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون:
[الإيضاح]
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) أي ويستعجلك كفار قريش بنزول العذاب، بنحو قولهم «مَتى هذَا الْوَعْدُ» وقولهم: «فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» ولولا أجل مسمى ضربه الله لعذابهم، لجاءهم حين استعجالهم إياه.
(وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي وليأتينهم العذاب فجأة، وهم لا يشعرون بمجيئه، بل يكونون فى غفله عنه، واشتغال بما ينسيهموه.
ثم زاد فى التعجيب من جهلهم بقوله:
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) أي يطلبون منك إيقاع العذاب ناجزا فى غير ميقاته، ويلحقون فى ذلك، ولو علموا ما هم صائرون إليه، لتمنّوا أنهم لم يخلقوا، فضلا عن أن يستعجلوا، ولأعملوا جميع جهدهم فى الخلاص منه.
ثم بين السبب فى جهلهم وحمقهم، فقال:
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) أي وإن جهنم ستحيط بالكافرين المستعجلين للعذاب يوم القيامة.