للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن أرشد سبحانه عباده المؤمنين فى الآيات المتقدمة إلى ما ينفعهم فى معاشهم ومعادهم وكان من جملة ذلك أن عفا عنهم- زاد فى الفضل والإحسان إليهم فى هذه الآيات بأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم على عفوه عنهم وتركه التغليظ عليهم، وقد نزلت هذه الآيات عقب وقعة أحد التي خالف فيها النبىّ صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وكان من جرّاء ذلك ما كان من الفشل وظهور المشركين عليهم حتى أصيب النبي صلى الله عليه وسلم مع من أصيب، فضبر وتجلد ولان فى معاملة أصحابه وخاطبهم بالرفق ولم يعاتبهم، اقتداء بكتاب الله إذ أنزل فى هذه الواقعة آيات كثيرة بين فيها ما كان من ضعف بعض المسلمين وعصيانهم وتقصيرهم، حتى ذكر الظنون والهواجس النفسية، لكن مع العتب المقترن بذكر العفو والوعد بالنصر وإعلاء الكلمة.

[الإيضاح]

(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) أي إنه قد كان من أصحابك ما يستحق الملامة والتعنيف بمقتضى الطبيعة البشرية، إذ صدروا عنك حين اشتداد الأهوال، وشمّروا للهزيمة والحرب قائمة على قدم وساق، ومع ذلك لنت لهم وعاملتهم بالحسنى بسبب الرحمة التي أنزلها الله على قلبك، وخصّك بها، إذ أمدك بآداب القرآن العالية، وحكمه السامية، حتى هانت عليك المصايب، وعلّمتك ما لها من المنافع وحسن العواقب.

وقد مدح الله نبيه بحسن الخلق فى مواضع من كتابه فقال: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» وقال: «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»

وقال صلى الله عليه وسلم: «لا حلم

<<  <  ج: ص:  >  >>