أحبّ إلى الله تعالى من حلم إمام ورفقه، ولا جهل أبغض إلى الله من جهل إمام وخرقه» .
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) أي ولو كنت خشنا جافيا فى معاملتهم لتفرقوا عنك، ونفروا منك، ولم يسكنوا إليك، ولم يتم أمرك من هدايتهم وإرشادهم إلى الصراط السوىّ.
ذاك أن المقصود من بعثة الرسل تبليغهم شرائع الله إلى الخلق، ولا يتم ذلك إلا إذا مالت قلوبهم إليهم، وسكنت نفوسهم لديهم، وذلك إنما يكون إذا كان الرسول رحيما كريما يتجاوز عن ذنب المسيء، ويعفو عن زلاته، ويخصه بوجوه البر والمكرمة والشفقة.
(وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) أي واسلك معهم سبيل المشورة التي اتبعتها فى هذه الواقعة ودم عليها- فإنهم وإن أخطئوا الرأى فيها، فإن فى تربيتهم عليها دون الانقياد لرأى الرئيس وإن كان صوابا نفعا فى مستأنف أمرهم ومستقبل حكومتهم ما حافظوا عليها.
فالجماعة أبعد عن الخطإ من الفرد فى أكثر الحالات، وما ينشأ من الخطر على الأمة بتفويض أمرها إلى واحد مهما حصف رأيه، أشد من الخطر الذي يترتب على رأى الجماعة.
ولما كانت الاستشارة سبيلا للنزاع ولا سيما إذا كثر المستشارون- أمر الله نبيه أن يقرر هذه السنة عملا، فكان يستشير صحبه بهدوء وسكينة ويصغى إلى كل قول ويرجح رأيا على رأى بما يرى فيه من المصلحة والفائدة بقدر المستطاع.
وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم بالشّورى فى حياته، فكان يسيشير السواد الأعظم من المسلمين، ويخص بها أهل الرأى والمكانة فى الأمور التي يضر إفشاؤها.
فاستشارهم يوم بدر لما علم بخروج قريش من مكة للحرب ولم يبرم الأمر حتى صرح المهاجرون والأنصار بالموافقة، واستشارهم يوم أحد كما علمت، وهكذا كان