وفى أموالهم يتزوجون كما يشاءون، وبعدئذ أردف ذلك النهى عن إكراه الإماء على الفجور إن أردن العفة، ابتغاء ظل زائل من عرض الدنيا.
ثم ختم هذا ببيان أنه أنزل عليكم فى هذه السورة وفى غيرها آيات مبينات لكل ما أنتم فى حاجة إلى بيانه من أحكام وآداب وحدود زاجرة، وعقوبات رادعة، وقصص عجيبة عن الماضين، وأمثال مضروبة، لتكون عبرة وذكرى لكم.
[الإيضاح]
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) أي زوّجوا من لا زوج له من الأحرار والحرائر:
أي من الرجال والنساء، والمراد بذلك، مدّيد المساعدة بكل الوسائل حتى يتسنى لهم ذلك، كإمدادهم بالمال، وتسهيل الوسائل التي بها يتم ذلك الزواج والمصاهرة.
(وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) أي والقادرين والقادرات على النكاح والقيام بحقوق الزوجية من الصحة والمال ونحو ذلك.
والخلاصة- إن فى الآية أمرا للأولياء بتزويج من لهم عليهم حق الولاية، وللسادة بتزويج العبيد والإماء، والجمهور قد حملوا الأمر على الاستحسان لا على الوجوب، لأنه قد كان فى عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم وفى سائر العصور بعده أيامى من الرجال والنساء ولم ينكر ذلك أحد عليهم، والظاهر أن الأمر يكون للوجوب إذا خيفت الفتنة وغلب على الظن حصول السفاح من الرجل أو المرأة.
ثم رغّب فى الزواج بالفقير والفقيرة وألا يكون عدم وجدان المال حائلا عن إتمامه فقال:
(إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي لا تنظروا إلى فقر من يخطب إليكم أو فقر من تريدون زواجها، ففى فضل الله ما يغنيهم، والمال غاد ورائح.
وكم يسر أتى من بعد عسر ... وفرّج كربة القلب الشجىّ
(وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي والله ذو سعة وغنى، فلا انتهاء لفضله ولا حد لقدرته،