للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله إن الخمر التي تشربونها، والميسر الذي تتياسرونه، والأنصاب التي تذبحون عندها، والأزلام التي تستقسمون بها- إثم سخطه الله وكرهه لكم، وهو من عمل الشيطان وتحسينه لكم لا من الأعمال التي ندبكم إليها ربكم، ولا مما يرضاه لكم.

(فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي فاتركوا هذا الرجس ولا تعملوه وكونوا فى جانب غير الجانب الذي هو فيه، رجاء أن تفلحوا وتفوزوا بما فرض عليكم من تزكية أنفسكم وسلامة أبدانكم والتوادّ فيما بينكم.

وبعد أن أمر الله باجتناب الخمر والميسر ذكر أن فيهما مفسدتين إحداهما دنيوية وثانيتهما دينية وقد أشار إليهما بقوله:

(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) أي إن الشيطان يريد لكم شرب الخمر ومياسرتكم بالقداح ليعادى بعضكم بعضا ويبغّض بعضكم إلى بعض عند الشراب والمياسرة، فيشتت أمركم بعد تأليف الله بينكم بالإيمان، وجمعه بينكم بأخوّة الإسلام، ويصرفكم بالسكر والاشتغال بالميسر عن ذكر الله الذي به صلاح دنياكم وآخرتكم، وعن الصلاة التي فرضها عليكم، تزكية لنفوسكم وتطهيرا لقلوبكم.

أما كون الخمر سببا لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس حتى الأصدقاء منهم، فلأن شارب الخمر يسكر فيفقد العقل الذي يمنع من الأقوال والأعمال القبيحة التي تسوء الناس، كما يستولى عليه حب الفخر الكاذب، ويسرع إليه الغضب بالباطل، وكثيرا ما يجتمع الشّرب على مائدة الشراب فيثير السكر كثيرا من ألوان البغضاء بينهم، وقد ينشأ القتل والضرب والسلب والفسق والفجور وإفشاء الأسرار وهتك الأستار وخيانة الحكومات والأوطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>