والخلاصة- إن مثل اليهود فى اغترارهم بمن وعدوهم النصرة من المنافقين بقولهم لهم: لئن قوتلتم لننصرنكم، ولما جدّ الجدّ واشتد الحصار والقتال تخلّوا عنهم وأسلموهم للهلكة- كمثل الشيطان إذ سوّل للإنسان الكفر والعصيان، فلما دخل فيه تبرأ منه وتنصل وقال:«إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ» .
ولا تجد مثلا أشد وقعا على النفوس، ولا أنكى جرحا فى القلوب من هذا المثل، لمن اعتبر وادّكر، ولكنهم قوم لا يعقلون.
ثم ذكر عاقبة الناصح والمنصوح فقال:
(فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها، وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) أي فكان عاقبة الآمر بالكفر والداخل فيه- الخلود فى النار أبدا، وهكذا جزاء الظالمين لأنفسهم بالكفر كيهود بنى النضير والمنافقين الذين وعدوهم بالنصرة.
ما قدمت: أي أىّ شىء قدمت، وغد: هو يوم القيامة سمى بذلك لقربه، فكل آت قريب كما قال: وإن غدا لناظره قريب. نسوا الله: أي نسوا حقه فتركوا أوامره، ولم ينتهوا عن نواهيه، فأنساهم أنفسهم: أي أنساهم حظوظ أنفسهم فلم يقدموا لها خيرا ينفعها.