(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي أنبئ هؤلاء بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ومن أحقّ بهذا العذاب من أولئك الطغاة الذين أسرفوا في الشر وقتلوا النبيين أو كانت نفوسهم كنفوس من قتلوا ولم يمنعهم عن القتل إلا العجز؟ كما قال تعالى:«وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ- يحبسوك- أَوْ يَقْتُلُوكَ» .
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي إن هؤلاء الذين فعلوا تلك القبائح يبطل الله أعمالهم في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فلأنهم لم ينالوا بها حمدا ولا ثناء من الناس، إذ هم كانوا على ضلال وباطل، ولعنهم الله وهتك أستارهم وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم على ألسن أنبيائه ورسله، وذلك هو حبوطها في الدنيا، وأما في الآخرة فلا ثواب لها، بل قد أعد لهم العذاب الأليم، والخلود في الجحيم.
(وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ينصرونهم من بأس الله وعذابه، وقد نفى الله عنهم الناصر الذي يدفع العذاب عنهم، لأنهم لما قتلوا النبيين والذين يأمرون بالقسط وهم ناصرو الحق، ولم يوجد فيهم ناصر يحول بينهم وبين قتلهم- جوزوا بعذاب لا ناصر لهم منه ولا معين.
وقد جعل الله وعيدهم ثلاثة أصناف:
(١) اجتماع أسباب الآلام والمكاره وهو العذاب الأليم.
(٢) زوال أسباب المنافع بحبوط الأعمال في الدنيا والآخرة ففى الدنيا بإبدال لمدح بالذم والثناء باللعن، وفي الآخرة بما أشار إليه بقوله:«وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً» .
(٣) دوام هذا العذاب وهو ما أشار إليه بقوله (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ)