فهذا أخصائي فى المسائل المالية، وذاك فى الأمور القضائية، وذاك فى بناء القناطر والجسور ورابع فى شؤون الحرب، وكل هذه المسائل يدرسها رجال الشورى [مجلس الوزراء بالاصطلاح العصرى] ويستنبطون منها ما يكون فيه المصلحة للدولة وينفذونه، ولا ينبغى أن تذيعه العامة لما فى ذلك من الضرر بها من سائر الوجوه والاعتبارات.
ثم امتنّ سبحانه على صادقى الإيمان من عباده فقال:
(وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا) أي ولولا فضل الله عليكم ورحمته بكم، إذ هداكم لطاعته وطاعة رسوله ظاهرا وباطنا، ورد الأمور العامة إلى الرسول وإلى أولى الأمر منكم، لاتبعتم وسوسة الشيطان كما اتبعته تلك الطائفة التي تقول للرسول: طاعة لك وتبيت غير ذلك، والتي تذيع أمر الأمن والخوف وتفسد على الأمة سياستها، ولأخذتم بآراء المنافقين فيما تأتون وما تذرون، ولم تهتدوا إلى الصواب، إلا قليلا منكم ممن استنارت عقولهم بنور الإيمان وعرفوا الأحكام بالاقتباس من مشكاة النبوة كأبى بكر وعمر وعثمان وعلى، فهى كقوله تعالى «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً» .
التحريض: الحث على الشيء بتزيينه وتسهيل الأمر فيه، والبأس القوة، وكان بأس الكافرين متجها إلى إذلال المؤمنين لإيمانهم، والتنكيل: معاقبة المجرم بما يكون فيه عبرة ونكال لغيره بحيث يمنعه أن يفعل مثل فعله.