للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجوا بها وهى أن ما عمّروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا إلى الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمّروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمّروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال: «أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ» ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أغمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.

[الإيضاح]

(وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي تفرقوا وادخلوا مساكنكم من النار، فلم يبق لكم اجتماع بالمؤمنين أبدا، ونحو الآية قوله: «وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ» وقوله: «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ» وقوله: «احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ» .

ولما أمروا بالامتياز وشخصت منهم الأبصار وكلحت الوجوه وتنكست الرءوس قال سبحانه موبخالهم:

(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) أي ألم أوصكم بما نصبت من الأدلة، ومنحت من العقول، وبعثت من الرسل، وأنزلت من الكتب بيانا للطريق الموصل إلى النجاة- أن تتركوا طاعة الشيطان فيما يوسوس به إليكم من معصيتى ومخالفة أمرى.

ثم علل النهى عن عبادته بقوله:

(إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) أي إنه ظاهر العداوة لكم من جراء عداوته لأبيكم آدم من قبل، ولأنه يوبقكم في مهاوى الردى، ويوقعكم في مزالق الهلاك.

ولما منع من عبادة الشيطان أمر بعبادته سبحانه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>