والإخوة فى النسب، والإخوان فى الصداقة، واحدهم أخ، وقد جعلت الأخوّة فى الدين كالأخوّة فى النسب وكأن الإسلام أب لهم قال قائلهم:
أبى الإسلام لا أب لى سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
[المعنى الجملي]
بعد أن حذر سبحانه المؤمنين من النبأ الصادر من الفاسق- بين هنا ما ربما ترتب على خبره من النزاع بين فئتين وقد يئول الأمر إلى الاقتتال، فطلب من المؤمنين أن يزيلوا ما نتج من كلامه، وأن يصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى ترجع إلى الصلح بدفعها عن الظلم مباشرة إن أمكن، أو باستعداء الحاكم عليها، وإن كان الباغي هو الحاكم فالواجب على المسلمين دفعه بالنصيحة فما فوقها بشرط ألا تثير فتنة أشدّ من الأولى.
ثم تمم الإرشاد وأبان أن الصلح كما يلزم بين الفئتين- يجب بين الأخوين، ثم أمرهم بتقوى الله ووجوب اتباع حكمه وعدم الإهمال فيه رجاء أن يرحمهم إذا هم أطاعوه ولم يخالفوا أمره.
روى قتادة أن الآية نزلت فى رجلين من الأنصار كان بينهما مدارأة فى حق، فقال أحدهما للآخر: لآخذنّ حقى منك عنوة، لكثرة عشيرته، ودعاه الآخر ليحاكمه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأبى أن يتّبعه، فلم يزل الأمر بينهما حتى تدافعوا وتناول بعضهم بعضا بالأيدى والنعال، ولم يكن قتال بالسيوف.
[الإيضاح]
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) أي وإن اقتتلت طائفتان من أهل الإيمان، فأصلحوا أيها المؤمنون بينهما بالدعاء إلى حكم الله والرضا بما فيه، سواء كان لهما أو عليهما، وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل.