(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي ومن كان يؤمن بقيام الساعة والمعاد إلى الله فى الآخرة ويصدق بالثواب والعقاب فإنه يؤمن بهذا الكتاب الذي أنزلناه إليك ويقرّبه سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم إذ بلغتهم دعوته، لأنهم يجدون فيه أكمل الهداية إلى السعادة العظمى فى تلك الدار، وما مثلهم إلا مثل قوم ساروا فى الفيافي والقفار وضلوا الطريق حتى إذا كادوا يهلكون قابلهم الدليل الخرّيت العالم بخفاياها، والخبير بذرعها ومعرفة مسالكها، فأرشدهم إلى ما فيه نجاتهم وخلاصهم من هلاك محقق إذا هم اتبعوا مشورته، وسلكوا سبيله، فقبلوا نصحه وكانوا من الفائزين وأما الذين ينكرون البعث والجزاء فلا حاجة لهم إلى هدايته.
وفى هذا تصريح بسبب إعراض الجمهرة من أهل مكة عن هذا الكتاب الذي فيه سعادتهم، وتنبيه إلى أنهم لما لم يعتقدوا فى البعث والجزاء امتنعوا عن قبول هذا الدين، وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
(وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) فيؤدونها في أوقاتها، ويقيمون أركانها وآدابها، وخصت الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات، لأنها عماد الدين، وأسس العبادات والمقوّية للإيمان، وكمال الإذعان، والمحافظة عليها تدعو إلى القيام بسائر العبادات المفروضة، وترك جميع المحرمات، ومحاسبة النفس على لذاتها وشهواتها.