(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) أي لأنهم قوم خرجوا عما تقتضيه الفطرة ويوجبه العقل بادعاء فرعون الألوهية وتصديقهم له فى ذلك.
وبعدئذ ذكر ما حدث لهم حين أتاهم بالبراهين من ربه فقال:
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي فلما جاءت فرعون وقومه أدلتنا الواضحة المنيرة الدالة على صدق الداعي- أنكروها وقالوا هذا سحر بين لائح يدل على مهارة فاعله وحذق صانعه.
ثم بين أن هذا التكذيب إنما كان باللسان فحسب لا بالقلب فقال:
(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) أي وكذبوا بها بألسنتهم وأنكروا دلالتها على صدقه وأنه رسول من ربه، لكنهم علموا فى قرارة نفوسهم أنها حق من عنده، فخالفت ألسنتهم قلوبهم، ظلما للآيات، إذ حطوها عن مرتبتها العالية وسمّوها سحرا، ترفعا عن الإيمان بها كما قال فى آية أخرى:«فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ» .
والخلاصة- إنهم تكبروا عن أن يؤمنوا بها وهم يعلمون أنها من عند الله.
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) أي فانظر أيها الرسول ما آل إليه أمر فرعون وقومه من الإغراق على الوجه الذي فيه العبرة للظالمين، ومن إخراجهم من الجنات والعيون والزروع والمقام الكريم.
وفى هذا تحذير للمكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم الجاحدين لما جاء به من عند ربه، أن يصيبهم مثل ما أصاب أولئك، لعلهم يقلعون عن عنادهم واستكبارهم حتى لا تنزل بهم القوارع ويأخذهم العذاب من حيث لا يشعرون.