للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ٥ الى ١٠]

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩)

فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠)

[شرح المفردات]

دافق: أي منصبّ بدفع وسيلان وسرعة، والصلب: الظهر، والترائب:

عظام صدر المرأة، والمراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وقال الحسن وروى عن قتادة: يخرج من صلب كل وأحد من الرجل والمرأة، وترائب كل منهما وهو الموافق لما أثبته العلم حديثا كما سيأتى، ورجعه: أي إعادته، تبلى: أي تختبر وتمتحن والمراد تظهر، والسرائر: ما يسرّ فى القلوب من العقائد والنيات وما خفى من الأعمال، واحدها سريرة، قال الأحوص:

سيبقى لها فى مضمر القلب والحشا ... سريرة ودّ يوم تبلى السرائر

[المعنى الجملي]

بعد أن بيّن سبحانه أن الإنسان لم يترك سدى، ولم يخلق عبثا نبهه إلى الدليل الواضح على صحة معاده، وأنه لا بد أن يرجع إلى ربه ليجازيه على ما عمل، فذكّره بنفسه، ولفت نظره إلى كيفية خلقه ومنشئه، وأنه خلق من الماء الدافق الذي لا تصوير فيه، ولا تقدير للآلات التي يظهر فيها عمل الحياة كالأعضاء وغيرها، ثم أنشأه خلقا كاملا مملوءا بالحياة والعقل والإدراك، قادرا على القيام بالخلافة فى الأرض.

فالذى خلقه على هذه الأوضاع قادر أن يعيده إلى الحياة فى يوم تتكشف فيه المستورات، وتبين الخفايا، فيكون إبداؤها زينا فى وجوه بعض الناس، وشينا

<<  <  ج: ص:  >  >>