(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) أي يحذر المنافقون أن تنزّل على المؤمنين سورة تخبرهم بما فى قلوبهم أي قلوب المنافقين وتهتك عليهم أستارهم وتفشى أسرارهم.
وهذا الحذر والإشفاق أثر طبيعى للشك والارتياب، إذ هم كانوا شاكين مرتابين فى الوحى ورسالة الرسول ولم يكونوا موقنين بشىء من الإيمان ولا من الكفر، فهم مذبذبون لا هم بالمؤمنين الموقنين، ولا بالكافرين الجازمين بالكفر، ولو كانوا على واحد منهما لما خطر لهم الخوف على بال، إذ تكون قلوبهم مطمئنة بأحد الأمرين.
والخلاصة- إنهم يحذرون أن تنزل سورة فى شأنهم وبيان حالهم، فتكون فى ذلك فضيحتهم وكشف عوراتهم وإنذارهم ما قد يترتب عليه من عقابهم.
(قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) أي قل لهم: استهزئوا فإن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به ويبيّن أمركم.
ولا يخفى ما فى هذا من التهديد والوعيد على فعلهم، وكونه سببا لإخراجه تعالى ما يحذرون ظهوره من مخبئات سرائرهم.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) أي إنك إن سألتهم عن أقوالهم هذه يعتذرون عنها بأنهم لم يكونوا فيها جادّين ولا منكرين، بل هازلين لاعبين للتسلى والتلهي، وكانوا يظنون أن هذا عذر مقبول لجهلهم أن اتخاذ الدين هزوا ولعبا كفر محض كما قال تعالى:«فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» وقال: «فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ» .