للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقتين، وأنزل عز وجل في أوس بن قيظى وجبار بن صخر ومن كان معهما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ- إلى قوله- لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) .

[الإيضاح]

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ؟) أي لأى سبب تكفرون بتلك الآيات والله مطلع على أعمالكم، لا تخفى عليه خافية من أمركم وهو مجازيكم بها؟ وذلك مما يوجب عليكم ألا تجترئوا على الكفر بآياته.

ولا يخفى ما في هذا من التوبيخ والإيماء إلى تعجيزهم عن إقامة العذر على كفرهم، كأنه قيل هاتوا عذركم إن كان ذلك في مكنتكم.

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ؟) أي لأىّ سبب تصرفون من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعه عن الإيمان الذي يرقى عقل المؤمن بما فيه من طلب النظر في الكون، ويرقى روحه بتزكيتها بالأخلاق الطيبة، والأعمال الصالحة، وتكذبون بذلك كفرا وعنادا، وكبرا وحسدا، وتلقون الشبهات الباطلة في قلوب الضعفاء من المسلمين بغيا وكيدا للنبى صلى الله عليه وسلم، تبغون لأهل دين الله ولمن هو على سبيل الحق عوجا وضلالا، وزيغا عن الاستقامة على الهدى والمحجة، وأنتم عارفون بتقدم البشارة به، عالمون بصدق نبوته، ومن كان كذلك فلا يليق به الإصرار على الباطل والضلال والإضلال.

(وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) من هذا الصدّ وغيره من الأعمال، فمجازيكم عليه، وغير خاف ما في هذا من تهديد ووعيد، كما يقول الرجل لعبده وقد أنكر عليه اعوجاج أخلاقه: لا يخفى علىّ ما أنت عليه، وما أنا بغافل عن أمرك.

وإنما ختم هذه الآية بنفي الغفلة، لأن صدهم عن الإسلام كان بضرب من المكر والكيد ووجوه الحيل، وختم الآية السابقة بقوله والله شهيد لأن العمل الذي فيها وهو الكفر ظاهر مشهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>