للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بتلك المساواة على وجه التقريب، ولا تكون المساواة إلا بتدبير وعلم، وإلى ذلك أشار بقوله:

(وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) أي ولا تحمل الأنثى ولا تضع إلا وهو عليم بذلك لا يخفى عليه، ولو لم يكن كذلك وكانت المصادفة العمياء هى صاحبة السلطان فى هذا العالم، لم يتم التوازن في العدد بين الزوجين فيفنى الإنسان والحيوان.

ونحو الآية قوله: «اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ. عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ» .

(وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) أي لا أحد يقضى له بطول العمر إلا وهو بالغ ما قدّر له، لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه، ولا أحد مقدّر له قصر العمر بزائد على ما قدّر له في الكتاب الذي كتب له، وذلك لحفظ الموازين فى الأرض حتى ينتظم العمران، ولو لم يكن على هذا النحو لاختلط الحابل بالنابل، وساء حال الكون، إذ يكثر الناس وتزدحم الأرض ويشتد الكرب، ومن ثم تفاوتت الأعمار في جميع الأمصار وكانت بمقدار، واعتدل النظام بالمرض والموت، والوباء والحرب.

(إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أي إن ذلك النظام البديع للعالم- هيّن على الله لعلمه الشامل، وعدم خفاء شىء عليه.

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ١٢ الى ١٤]

وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>