وفى هذا إيماء إلى أنه تعالى حين وفى لهم بعهد الربوبية من الإحسان والإنعام وفوا له بعهد العبودية وهو الاشتغال بالطاعة والعبادة.
وبعد أن ذكر ما أنعم به على إبراهيم أتبعه بذكر ما أنعم به على لوط فقال:
(١)(وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً) أي وآتينا لوطا الحكم وهو حسن الفصل بين الخصوم فى القضاء.
(٢)(وعلما) بأمر دينه وما يجب عليه لله من واجب الطاعة والإخبات له.
(٣)(وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) أي ونجيناه من عذابنا الذي أحللناه بأهل تلك القرية التي كانت تعمل خبائث الأعمال، التي من أشنعها إتيان البيوت من غير أبوابها.
ثم بين السبب الذي دعاهم إلى ذلك فقال:
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) أي إن الذي حملهم على ذلك وجرأهم على ارتكابه أنهم كانوا خارجين عن طاعة الله، منتهكين حرماته، قد دسّوا أنفسهم بقبيح الأفعال والأقوال، فلا عجب إذا هم لجوا فى طغيانهم يعمهون.
(٤)(وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) أي وجعلناه فى جملة من يستحقون رحمتنا ولطفنا، بإدخاله جنتنا، كما
جاء فى الحديث الصحيح:«قال الله عز وجل للجنة: أنت رحمتى، أرحم بك من أشاء من عبادى» .
ثم ذكر علة هذا بقوله:
(إِنَّهُ مِنَ عبادنا الصَّالِحِينَ) الذين سبقت لهم منا الحسنى، إذ كان ممن يعملون بطاعتنا، فيأتمرون بأمرنا، وينتهون عن نهينا.