للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه ثالث ثلاثة، وقوم يقولون إنه كاذب فى دعواه النبوة، كما نسبوا مريم إلى ما هى منزهة عنه، وقالوا إن النبي المبشّر به فى التوراة هو يوشع عليه السلام أو هو نبى آخر يأتى آخر الدهر. إلى نحو ذلك مما اختلفوا فيه، وأنه لا يحكم إلا بالعدل، فقوله الحق وقضاؤه الفصل.

ثم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه فإنه حافظه وناصره، وأن يعرض عن أولئك الذين لا يستمعون لدعوته، لأنهم صم بكم لا يعقلون، والذكرى لا تنفع إلا من له قلب يعى، وآذان تسمع دعوة الداعي إلى الحق فتستجيب لها.

[الإيضاح]

(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي إن هذا القرآن الذي أنزلته إليك أيها الرسول يقص على بنى إسرائيل الحق فى كثير مما اختلفوا فيه، وكان عليهم لو أنصفوا أن يتبعوه، لكنهم لم يفعلوا وكابروا مع وضوح الحق وظهور دليله كما تفعلون أنتم أيها المشركون.

ثم وصف القرآن بقوله:

(وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي وإنه لهاد للمؤمنين إلى سبيل الرشاد، ورحمة لمن صدّق به وعمل بما فيه.

وبعد أن ذكر فضله وشرفه أتبعه دليل عدله فقال:

(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) أي إن ربك يقضى بين المختلفين من بنى إسرائيل بحكمه العادل، فينتقم من المبطل منهم، ويجازى المحسن بما يستحق من الجزاء، وهو العزيز الذي لا يردّ حكمه وقضاؤه، العليم بأفعال العباد وأقوالهم، فقضاؤه موافق لواسع علمه.

وبعد أن أثبت لنفسه العلم والحكمة والجبروت والقدرة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه وحده فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>