هى مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة، وهى ٦٨، ٦٩، ٧٠، وآيها سبع وسبعون نزلت بعد سورة يس.
ومناسبتها لما قبلها من وجوه:
(١) إنه سبحانه اختتم السورة السابقة بكونه مالكا لما فى السموات والأرض مصرّفا له على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة مع النظام البديع والوضع الأنيق، وأنه سيحاسب عباده يوم القيامة على ما قدموا من العمل خيرا كان أو شرا، وافتتح هذه بما يدل على تعاليه فى ذاته وصفاته وأفعاله وعلى حبه لخير عباده بإنزال القرآن لهم هاديا وسراجا منيرا.
(٢) اختتم السورة السالفة بوجوب متابعة المؤمنين للرسول صلّى الله عليه وسلم مع مدحهم على ذلك وتحذيرهم من مخالفة أمره خوف الفتنة والعذاب الأليم، وافتتح هذه بمدح الرسول وإنزال الكتاب عليه لإرشادهم إلى سبيل الرشاد، وذمّ الجاحدين لنبوته بقولهم: إنه رجل مسحور، وإنه يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق إلى آخر ما قالوا.
(٣) فى كل من السورتين وصف السحاب وإنزال الأمطار وإحياء الأرض الجرز فقال فى السالفة: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً» إلخ وقال فى هذه: «وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً» إلخ.
(٤) ذكر فى كل منهما وصف أعمال الكافرين يوم القيامة وأنها لا تجزيهم فتيلا ولا قطميرا فقال فى الأولى: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ» إلخ وقال فى هذه:
«وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً» .
(٥) وصف النشأة الأولى للإنسان فى أثنائهما فقال فى الأولى: «وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ» وفى الثانية: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً»