للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي واذكر أيها الرسول حين أخذنا عليهم الميثاق.

ثم بين هذا الميثاق فقال:

(لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ) يقال أخذت عليك عهدا تفعل كذا، وأن تفعل كذا، ويرد مثل هذا الخبر في كلامهم متضمنا معنى النهى أو الأمر كما تقول: تذهب إلى فلان وتقول له كيت وكيت، على معنى اذهب وقل له، وفيه مبالغة وتوكيد كأن المخاطب سيمتثل النهى حتما ويسارع إلى الترك فيخبر به الناهي، أي لا تعبدوا إلا الله.

وقد نهوا عن عبادتهم غير الله مع أنهم كانوا يعبدون الله خوفا من أن يشركوا به سواه من ملك أو بشر أو صنم بدعاء أو غيره من أنواع العبادات.

ودين الله على ألسنة الرسل جميعا فيه الحث على عبادة الله وعدم الشرك بعبادة أحد سواه (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) فالتوحيد عماده الأمران معا.

(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي أحسنوا إليهما، بأن تعطفوا عليهما وترعوهما حق الرعاية، وتنزلوا عند أمرهما فيما لا يخالف أوامر الله، وقد جاء في التوراة أن من يسبّ والديه يقتل.

والحكمة في البرّ بهما أنهما قد بذلا للولد وهو صغير كل عناية وعطف بتربيته والقيام بشئونه، حين كان عاجزا ضعيفا لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا، مع الشفقة التي لا مزيد عليها، أفلا يجب عليه بعدئذ مكافأتهما جزاء وفاقا لما صنعا؟ (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) .

ولحب الوالدين لولدهما أسباب:

(١) الحنان الفطري الذي أودعه الله فيهما إتماما لحكمته في بقاء الأنواع إلى الأمد الذي قدره في سابق علمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>