إذ أصبحوا أعزة بعد أن كانوا أذلة، وملكوا الأرض المقدسة التي بارك الله فيها، وهى بلاد الشام.
[الإيضاح]
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) أي وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون فى مصر بقتل الأبناء واستحياء النساء وأخذ الجزية واستعمالهم فى الأعمال الشاقة، الأرض التي باركنا فيها بالخصب والخير الكثير، مشارقها من حدود الشام، ومغاربها من حدود مصر تحقيقا لما وعدنا به:«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ» .
وعن كعب الأحبار أنه قال: إن الله بارك فى الشام من الفرات إلى العريش، ويؤيد ذلك قوله فى إبراهيم عليه السلام:«وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ» وقوله: «وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها» .
(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا) أي ونفذت كلمة الله ومضت على بنى إسرائيل تامة كاملة بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه وقد كان وعد الله تعالى إياهم مقرونا بأمرهم بالصبر والاستقامة كما أمرهم نبيهم عليه السلام مبلّغا عن ربه «قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا» ومن قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه، ومن قابله بالصبر ضمن الله له الفرج، وقد تم وعد الله تعالى لهم بذلك، ثم سلبهم تلك الأرض بظلمهم لأنفسهم وللناس ولم يكن من مقتضى الوعد أن يعودوا إليها مرة أخرى.