بعد أن أبان أن متاع هذه الدنيا زائل فان، وأن ما فيها من خير أو شر لا يدوم- أردف ذلك تهوين المصايب على المؤمنين، فذلك يكون مصدر سعادة نفوسهم واطمئنانها، وبدونه يكون شقاؤها وكآبتها، وآية ذلك أن لا يحزنوا على فائت، ولا يفرحوا بما يصل إليهم من لذاتها الفانية.
ثم بين أن المختالين الذين يبخلون بأموالهم على ذوى الحاجة والبائسين، ويأمرون الناس بذلك، ويعرضون عن الإنفاق لا يجننّ إلا على أنفسهم، والله غنى عنهم، وهو المحمود على نعمه التي لا تدخل تحت حد.
[الإيضاح]
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) أي ما أصابكم أيها الناس من مصايب فى آفاق الأرض كقحط وجدب وفساد زرع، أو فى أنفسكم من أوصاب وأسقام- إلا فى أم الكتاب من قبل أن نبرأ هذه الخليقة.
(إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أي إن علمه بالأشياء قبل وجودها، وكتابته لها طبق ما توجد فى حينها- يسير عليه، لأنه يعلم ما كان وما سيكون وما لا يكون.
أخرج الحاكم وصححه عن أبى حسان: أن رجلين دخلا على عائشة رضى الله عنها فقالا إن أبا هريرة يحدّث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنما الطّيرة فى المرأة والدابة والدار، فقالت: والذي أنزل القرآن على أبى القاسم صلى الله عليه وسلم ما هكذا كان يقول، كان يقول «كان أهل الجاهلية يقولون: إنما الطيرة فى المرأة والدابة والدار