ثم قرأ: وما أصابكم من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلّا فى كتاب من قبل أن نبرأها» .
(لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل وجودها، لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، فلا تحزنوا على فائت، ولا تفرحوا بآت.
والخلاصة- إن كل شىء قدّر فى الكتاب، فكيف نفرح أو نحزن؟
قال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يحزن أو يفرح، ولكن اجعلوا الفرح شكرا، والحزن صبرا.
وقال حكيم: الصبر مخرج من الشقاء، فلا سعادة إلا بالصبر، ووصول النفس إلى كمالها الخلقي، بحيث يمر المال والولد والقوة والعلم عليها، فيصيبها مرة ويخطئها أخرى وهى مطمئنة، لا يدخلها زهو ولا إعجاب بما نالت، ولا حزن على ما فاتها اه.
وعلى الجملة فالحزن المذموم هو ما يخرج بصاحبه إلى ما يذهب عنه الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء الثواب، والفرح المنهي عنه هو الذي يطغى على صاحبه ويلهيه عن الشكر.
(وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) أي إن المختال الفخور يبغضه الله ولا يرضى عنه.
ثم بين أوصاف المختالين الفخورين فقال:
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) أي إن المختالين بما أوتوا من المال يضنّون به لأنهم يرون عزتهم فى وجوده، ويعدهم الشيطان بالفقر إذا هم أنفقوه، وقد يبلغ الأمر بهم أن يأمروا سواهم بالبخل ويبدوا لهم النصائح التي تجعلهم يضنون به مدعين أن ذلك إشفاق عليهم ونصح لهم.
(وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي ومن يعرض عن الإنفاق فلا يضرّن بذلك إلا نفسه، فالله غنى عن ماله وعن نفقته، محمود إلى خلقه بما أنعم به عليهم من