للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الزلات، ثم ذكر أنه لا مؤاخذة على من ينتصر لنفسه، وإنما المؤاخذة على من يظلم الناس، ويبغى فى الأرض بغير الحق، وأن الصبر وغفران السيئة مما حث عليه الدين، وأجزل ثواب فاعله.

[الإيضاح]

(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) أي وجزاء سيئة المسيء عقوبته بما شرعه الله من عقوبة مماثلة لجرمه، وسمى هذا الجزاء سيئة مع أنه عقوبة مشروعة من الله مأذون بها، لأنها تسوء من تنزل به كما قال تعالى فى آية أخرى: «وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ» يريد ما يسوءهم من المصايب والبلايا.

وفى الآية حثّ على العفو، لأن الانتصار إنما يحمد إذا حصلت المماثلة فى الجزاء، وتقديرها عسر شاقّ، وربما صار المظلوم حين استيفاء القصاص ظالما.

ونحو الآية قوله: «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» وقوله: «وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ» وقوله «وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها» .

وقد أمر صلّى الله عليه وسلّم بردّ الشتم على الشاتم.

أخرج النسائي وابن ماجه وابن مردويه عن عائشة قالت: «دخلت علىّ زينب وعندى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأقبلت علىّ تسبنى فردعها النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم تنته، فقال لى سبيها، فسبيتها حتى جفّ ريقها فى فمها، ووجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتهلل سرورا» .

وكان هذا بمنزلة التعزيز منه لزينب بلسان عائشة، لما أن لها حقا فى الرد وقد رأى فيه المصلحة.

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن مردويه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: المستبّان ما قالا من شىء فعلى البادي حتى يعتدى المظلوم ثم قرأ (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) »

<<  <  ج: ص:  >  >>