خلقه وتسويته، إجلالا وإعظاما له، فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس، ولم يكن منهم جنسا بل كان من الجن فخانه طبعه، فاستنكف عن السجود له وخاصم ربه وادعى أنه خير من آدم، لأنه مخلوق من نار وآدم مخلوق من طين، والنار خير من الطين في زعمه، وقد خالف بذلك أمر ربه، فكفر به فأبعده وطرده من باب رحمته وحضرة فدسه مذموما مدحورا، فسأل النّظرة إلى يوم البعث، فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه، فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرّد وطغى وقال «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» فقال تعالى: «فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ. لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ» .
من المتكلفين: أي المدّعين معرفة ما ليس عندهم، نبأه: أي ما أنبأ به من وعد ووعيد، بعد حين: أي بعد الموت.
[الإيضاح]
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) أي قل يا أيها الرسول لمشركى قومك: ما أسألكم على تبليغ ما يوحى إلىّ أجرا لا قليلا ولا كثيرا، وما عرفتمونى أتكلف ما ليس عندى حتى أنتحل النبوة وأتقوّل القرآن.
أخرج ابن عدى عن أبى برزة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال هم الرحماء بينهم، قال: ألا أنبئكم بأهل النار؟ قلنا بلى، قال هم الآيسون القانطون الكذابون المتكلفون» .