منحنيا إلى الأمام على وجهه، فلا يدرى أين يسلك، ولا كيف يذهب، فيكون حائرا ضالا، ومثّل حال الثاني بحال من يمشى منتصب القامة على الطريق الواضح، فيرى ما أمامه ويهتدى إلى ما يريد.
ثم أعقب هذا بذكر الدلائل على تفرده بالألوهية بذكر خلق الإنسان فى الأرض وإعطائه نعمة السمع والبصر، وأرشد إلى أن القليل من الناس شكور لهذه النعم.
ثم أردف هذا بذكر سؤال المشركين للرسول عن ميقات البعث استهزاء به، وإجابته إياهم بأن علمه عند الله وليس له من علمه شىء، وإنما هو نذير مبين، وذكر أنه حين تقوم القيامة ويعرف المشركون قرب وقوع ما كانوا ينكرون تعلو وجوههم غبرة، ترهقها قترة، ويقال لهم: إن ما كنتم تستعجلون قد وقع ولا مردّ له، فماذا أنتم فاعلون؟.
[الإيضاح]
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ؟ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) أي بل من هذا الذي يعينكم فى دفع العذاب عنكم إذا أراد بكم سوءا؟
فما أنتم فى زعمكم أنكم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتكم لا بحفظ الله لكم إلا فى ضلال مبين، وقد أغواكم الشيطان، وغركم بهذه الأمانى الباطلة.
وفى قوله:(مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) إشارة إلى أنه برحمته أبقى الناس فى الأرض مع ظلمهم وجهالتهم، إذ رحمته وسعت كل شىء، فوسعت البرّ والفاجر، والطير فى السماء، والأنعام فى الأرض.
ثم انتقل من توبيخهم على دعوى ناصر سواه إلى توبيخهم على دعوى رازق غيره فقال:
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ؟) أي بل من ذا الذي يرزقكم إن