(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي إن الذين اتّقوا الله وخافوا عقابه، فأطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه- يمتعون فى جنات تجرى من تحتها الأنهار كما قال:«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ» الآية.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) أي ويقال لهم: ادخلوها وأنتم سالمون من الآفات والمنغصات، آمنون من سلب تلك النعم التي أنعم بها ربكم عليكم وأكرمكم بها، ولا تخافون إخراجا ولا فناء ولا زوالا.
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) أي وأخرجنا ما فى صدور هؤلاء المتقين الذين ذكرت صفتهم- من الحقد والضغينة من بعضهم لبعض.
روى القاسم عن أبى أمامة قال: يدخل أهل الجنة الجنة على ما فى صدورهم فى الدنيا من الشحناء والضغائن، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما فى صدورهم فى الدنيا من غل ثم قرأ:(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) .
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن على كرم الله وجهه أنه قال لابن طلحة: إنى لأرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله تعالى (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ) الآية. فقال رجل من همدان: إن الله سبحانه أعدل من ذلك، فصاح علىّ صيحة تداعى لها القصر، وقال. فمن إذا إن لم نكن نحن أولئك.
والخلاصة- إن الله طهّر قلوبهم من أن يتحاسدوا على الدرجات فى الجنة ونزع منها كل غل وألقى فيها التوادّ والتحاب والتصافي.
والمراد بكونهم على سرر متقابلين أنهم فى رفعة وكرامة.
وقد روى أن الأسرّة تدوربهم حيثما داروا، فهم فى جميع أحوالهم متقابلين، لا ينظر بعضهم إلى أقفية بعض، وهم يجتمعون ويتنادمون ويتزاورون ويتواصلون.