الحلال والحرام والثواب والعقاب، وهدى من الضلالة، رحمة لمن صدق به، وعمل بما فيه من حدود الله وأمره ونهيه، فأحل حلاله وحرم حرامه، وبشرى لمن أطاع الله وأناب إليه، بجزيل الثواب فى الآخرة وعظيم الكرامة.
ووجه ارتباط هذا بما قبله، بيان أن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك، سائلك يوم القيامة عن ذلك كما قال:«فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ» وقال: «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ» وقال: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ» أي إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن لرادك إليه، وسائلك عن أداء ما فرض عليك.
وتبيان القرآن لأمور الدين إما مباشرة وإما ببيان الرسول، وقد أمرنا سبحانه باتباع هذا البيان فى قوله «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» وقوله «لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»
ولقوله صلى الله عليه وسلّم:«إنى أوتيت القرآن ومثله معه»
وإما ببيان الصحابة والعلماء المجتهدين له،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ»
وقد كان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلّم فاجتهد الأئمة ووطّئوا طرق البحث فى أمور الدين لمن بعدهم، واستنبطوا من الكتاب والسنة مذاهب وآراء فى العبادات ومعاملات الناس بعضهم مع بعض، ودوّنوا تشريعا ينهل منه المسلمون فى كل جيل، ويرجع إليه القضاة ليحكموا بين الناس بالعدل، وكان أجلّ تشريع أخرج للناس كما اعترف بذلك أرباب الديانات الأخرى وكذلك من لم يتدين منهم بدين.