للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

فى هذه الآية إخبار بما توعد به فرعون السحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام وبما عزم عليه من التنكيل بهم وبما رد به السحرة عليه من استسلامهم لأمر الله لا لأمره ودعائهم ربهم بالتوفى على ملة الإسلام.

[الإيضاح]

(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) آمنتم إما خبر يراد به التوبيخ، وإما استفهام يراد به الإنكار والتوبيخ: أي آمنتم به واتبعتموه مذعنين لرسالته قبل أن آذن لكم؟

(إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها) أي إن هذا الذي فعلتموه أنتم وهو- ليس إلا مكرا مكرتموه واتفاقا دبّرتموه من قبل بما أظهرتم من المعارضة والرغبة فى الغلب عليه- مع إسرار اتباعه بعد ادعاء ظهور حجته كما جاء فى سورة طه:

«إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ» فأجمعتم كيدكم لنا فى هذه المدينة لأجل أن تخرجو المصريين منها بسحركم، ويكون لكم فيها مع بنى إسرائيل ما هو لنا الآن من الملك والرياسة والتصرف فى البلاد.

وكل ذى لب وفطنة يعلم أن هذه مقالة لا نصيب لها من الصحة، ولا ظل لها من الحقيقة، فإن موسى إثر مجيئه من مدين دعا فرعون إلى الله وأظهر المعجزات الباهرة، فلم يكن من فرعون إلا أن أرسل فى المدائن حاشرين ووعدهم بالعطاء الجزيل، وموسى لا يعرف منهم أحدا ولا رآه ولا اجتمع به وفرعون يعلم ذلك وإنما قال ذلك تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم كما قال تعالى «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ» .

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما أصنع بكم من العذاب جزاء على هذا المكر والخداع.

ثم بين ذلك بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>