عليهم إقامة الحق مع احتمال الأذى فى سبيل الله، أو الهجرة إلى حيث يتمكنون من إقامة دينهم.
أخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس قال «إن سبب نزول الآية أن قوما من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يخفون الإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم فقال المسلمون هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت الآية فكتبوا بها إلى من بقي بمكة منهم وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحق بهم المشركون ففتنوهم فرجعوا فنزلت «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ» فكتب إليهم المسلمون بذلك فتحزنوا فنزلت «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا» الآية فكتبوا إليهم بذلك فخرجوا فلحقوهم فنجا من نجا وقتل من قتل» .
[الإيضاح]
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) أي إن الذين تتوفاهم الملائكة وتقبض أرواحهم حين انتهاء آجالهم حالة كونهم ظالمى أنفسهم برضاهم بالإقامة فى دار الذل والظلم حيث لا حرية لهم فى أعمالهم الدينية، ولا يتمكنون من إقامة دينهم ونصره وتأييده.
(قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ؟) أي تقول لهم الملائكة بعد توفيها لهم فى أىّ شىء كنتم من أمر دينكم؟ أي إنهم لم يكونوا فى شىء منه، إذ هم قدروا على الهجرة ولم يهاجروا.
(قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) هذا اعتذار عن تقصيرهم الذي وبخوا عليه:
أي إننا لم نستطع أن نكون فى شىء يعتد به من أمر ديننا لاستضعاف الكفار لنا فعجزنا عن القيام بواجبات الدين بين أهل مكة، وهذه حجة لم تتقبلها الملائكة، ومن ثم ردوا عليهم المعذرة فقالوا لهم:
(أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها؟) وترحلوا إلى قطر آخر من الأرض،