للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) إلخ أي لا يوالى أفراد أو جماعات من المسلمين أولئك اليهود والنصارى المعاندين للنبى والمؤمنين، ويعاهدونهم على التناصر من دون المؤمنين، رجاء أن يحتاجوا إلى نصرهم إذا خذل المسلمون وغلبوا على أمرهم.

قال ابن جرير: إن الله تعالى نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أن من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليّا من دون الله ورسوله فهو منهم فى التحزب على الله ورسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان ... إلى أن قال: غير أنه لا شك أن الآية نزلت فى منافق كان يوالى يهود أو نصارى جزعا على نفسه من دوائر الدهر لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك اه.

ثم ذكر علة هذا النهى فقال:

(بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي إن اليهود بعضهم أنصار بعض والنصارى بعضهم أنصار بعض، ولم يكن للمؤمنين منهم ولى ولا نصير إذ كان اليهود قد نقضوا ما عقده الرسول معهم من العهد من غير أن يبدأهم بقتال ولا عدوان فصار الجميع حربا للرسول ومن معه من المؤمنين.

ثم توعد من يفعل ذلك فقال:

(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي ومن ينصرهم أو يستنصر بهم من دون المؤمنين وهم أعداء لكم فإنه فى الحقيقة منهم لا منكم لأنه معهم عليكم، إذ لا يتصور أن يقع ذلك من مؤمن صادق.

قال ابن جرير فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم، فإنه لا يتولى متولّ أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضى دينه فقد عادى من خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه اه.

ومن هذا تعلم أنه إذا وقعت الموالاة والمحالفة والمناصرة بين المختلفين فى الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>